الاثنين، 30 أكتوبر 2017

قصيدة احبك يا حلب للشاعر محمد حميدي

أحبكِ يا حلبُ
----------------
طرزتُ اسمك ببائيتي ياحلبُ

فهزني بهواك الشوقُ والطربُ

ولم أدرِ أجنونٌ مسني أَم سكرٌ

تلاشى الفكرُ وبالجنون أقتربُ

جنونُ العشقِ جميلٌ لكنَّ أجملَهُ

 جنونٌ من سحر عينيكِ يُكتَسَبُ

أنا بك مغرم و العاشقُ له عذرُهُ

لا لومَ إنْ جُنِنتُ فالجنونُ رتبُ

بل في غرامكِ يحلو لعاشقٍ وَلِهٍ

ذاك الجنونُ فهو المغرمُ الصَّبِبُ

لا لومَ فمِن بريقِ عينيكِ الهوى

وإلى قلبي هواكِ القتالُ محبَّبُ

لا لومَ فالحبُّ جنونٌ قد طابَ لي

و سهمُه بلطف الحبيبِ مُصَوَّبُ

تا الله أحبكِ فليشهدِ التاريخُ لي

فقُلْ ياتاريخُ إنْ تساءلتِ الحِقَبُ

لو قُدِّرَ لي أنْ أوصفَ الهوى كلَّهُ

لنادى قلبي هاتفاً أحبكِ يا حلبُ

أحبكِ أيكفي ما بقلبي من الهوى

أنت الحبُّ والغرامُ وأنتِ الطربُ

هيا انهضي لا تتركيني لغربتي

فالهوى بعدَكِ ياشهباءُ يَنتحِبُ

أنَّى سِرتُ وَلِهاً فالجمالُ يلفني

وقلبي بجمالكِ يا قلبي يَتَقَلَّبُ

الجمالُ آفلٌ ووجهكِ دائمٌ توردُهُ

 هي الحقيقةُ وما بالأمرِ عجبُ

فما كل المدائن نفيسٌ جمالُها

ولا كلُّ معدنٍ برَّاقٍ هو الذهبُ

فأنت درةُ المدائنِ ورمزُ جمالِها

ومن بريق عينيكِ يَبرُقُ الذهبُ

في حدائق حبكِ يحلو الهوى لي

فأنا في حدائقِ حبكِ ولهانَ طرِبُ

أنَّى سِرتُ بشدوه يناغيني بلبلٌ

غِرِّيدُ الغرامِ يغازلُ قدَّكِ ياحلبُ

فأعدو كطفلٍ يسابقُ ظلَّه فرِحاً

تلاحقني فراشةٌ وجناحُها رَطْبُ

من ندى الخمائلِ فصبحُكِ نديٌّ

تبسمُ الشمسُ به وشعرُها ذهبُ

وبقلعةِ الشمَمِ تطوفُ لي أشواقٌ

 قد شابتْ بحبكِ ما مَسَّها نَصَبُ

رغم أنفِ الحاقدين تُسابقُ الخُطا

تخطو فوق شِراكِهم وما نَصبوا

تعانقُ مجداً قد أغرتُهُ محاسِنُها

وتاريخاً بأصالتها تعلو به الرتبُ

أسائلُ النفسَ وهي لحالكِ عليلةٌ

أين بنُوكِ ياشهباءُ أين هم ذهبوا

يرجِعُ الصدى و الوجناتُ مُبللةٌ

قد أحرقَ قلبي مرُّ أساكِ يا حلبُ

لي يقينٌ في قلبي و قلبي صادقٌ

فقد قسى عليكِ العجمُ والعربُ

أنتِ شجني والأشجانُ مُحرِقَةٌ

والفكرُ من لظى العشقِ يُستَلبُ

الأشجانُ تبكي من أحزانٍ تمزقُها

و أحزانُ قلبي بكلِّ ركنٍ تَنسَكِبُ

أنتِ الوطنُ و العزُّ الذي أفاخرُ به

وما لقلبي بعشقِ الأوطانِ سببُ

فاعذري ياشهباء من قد أُبعدوا

وعادوا إليك من بُعدهم تُوَّبوا

أنتِ سُكنايَ وللفؤادِ سكينةٌ لهُ

وكلُّ سَكَنٍ بعدَكِ يا قلبي خرِبُ

أصبِّرُ قلبي فيزدادُ خفقُه شوقاً

ويقولُ دعني أنا العاشقُ التَّعِبُ

الدورُ على بعدنا تئِنُّ مِن حُزنها

فقد عاثَ الطغاةُ بها ولها خربوا

فأيُّ عذر تقبلين مني يا مليكتي

لا عذرَ لي غيرَ أنكِ قلبي ياحلبُ

شردوني ولقلبيَ الولهان مارحموا

وما رحموا شيبةً ببعدكِ تَنتَحِبُ

عشقكِ رضعتُهُ بقلبي من صغري

و العشقُ الأصيلُ لهواكِ يَنتَسِبُ

عشاقكِ كُثرٌٌ وقلَّ من همُ صدقوا

أنا على عهد هواكِ إن همُ كذبوا

عهدي أُوفيه وإن قلَّ الوافون به

مستمسكٌ به وإنْ مسَّتنيَ النُوَبُ

أبجديةُ القوافي مِن حبكِ منهلُها

وأوزانُ بحرِ الغرام تفاعيلُه حلبُ

حاؤكُ حلوُ مُرِّي واللامُ لهفةُ أنسي

و باؤك بلسمُ سقامِ البعدِ ليَ والطبُّ

يابلسمَ القلب الذي أحبكِ مخلصاً

متى ينتظمُ الخفقُ ويسكنُ القلبُ

أنا على ما أنا فأشواقي مابرِحَتْ

ترتادُ غرامَك والقلبُ منكِ مقترِبُ

إن شدوتُ باسمكِ فبصوتي نغمٌ

لعمري كم وكم يحلو بك الطرَبُ

وكم يحلو بعينيكِ ليراعي تغزُّلُهُ

لولاكِ ما أتى عشقٌ لقلبي ولا حبُّ

يفاخرُ القومُ بالأنسابِ إذ تُشرِّفهم

وفخري وعزي بأنِّي إليكِ أنتسبُ

بنُوكِ قد بَنَوكِ والحبُّ لمَّ شملَهم

فتبدَّى من حقد الظالمين الغضبُ

ناداكِ قلبي ففي البعدِ كم اشتكى

مرارةَ الفراقِ ويسألني متى القربُ

تجيبه العينُ  فهي في البعدِ نائبتي

ياقلب اهدأ فأهلُ العشقِ كم عجبوا

فعلى الربى لاحت من غرامك رايتُهُ

قد نظمتْها القوافي وسطَّرتْها الكتُبُ

قد خطت والعشقُ غدا مداداً لأحرفها

أنا العاشق الولهان وعشقُ قلبي حلبُ

ماله في عشقِ الشهباء إلا صِرفُ الهوى

مالي بغيرِ هواكِ ياشهباء حبٌّ ولا أربُ

سلوا مَن قبلي ومن بعدي في الهوى

لا يطيبُ غرامٌ لم يكن قصدُه حلبُ

أحبكِ وإن كبى التاريخُ في مرارتِهِ

قلبي لك ياشهباء وسأعيدُ ما سلبوا

ويضحكُ التاريخُ والمجدُ يراقصُهُ

وبعون الله ستزهرُ الأيامُ والحِقَبُ

لا تعجبوا من عشقِ متيمٍ هائمٍ بها

كم سمت بعشاقها الأخلاقُ والرتبُ

إن دنا أجلي لا قدَّرَ اللهُ عنها مبعداً

سيبقى قلبي يناجي طيفكِ ياحلبُ

هذا بعض الغرامِ من قلبي قد بدا

والبوحُ في حضرةِ الجمالِ مُقْتَضَبُ

واخجلتى قد تواضعت بقدْرِكِ قافيتي

وخَجِلَ منكِ اليراعُ والقوافي والأدبُ

فلا يُحيطُ بسحرِ عينيكِ شاعرٌ فطحلٌ

ولا تحصي مناقبَكِ صحفٌ ولا كتبُ

فأحجارُك ياقوتٌ بل هي زينةُ جمالِهِ

وترابُك تِبْرٌ بلْ من بريقِهِ يبرقُ الذهبُ

جلُّ المدائن تبدو بعيون أهلها جميلةً

ودرةُ المدائنِ في قلبيَ الولهان حلبُ

هي الجمالُ أنَّى سرتُ مَعِينٌ ومنهلٌ

يزدادُ سحرُ جمالِها كلمَّا مرتِ الحِقَبُ

كل المدائنِ لها من حُسنها بعضُ حظٍّ

وشهبايَ هي الجمالُ والأنسُ والأدبُ

محمد حميدي
سورية - حلب

30-10-2017

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق